حظيت مصر بأول حكومة منظمة (جهاز حكومي منظم) في
العالم. وقبل أن تتحد مصر العليا ومصر السفلى، كان يحكم كل منطقة منهما
ملك. وفي عام 3100 قبل الميلاد، وبعد توحد القطر في نظام مركزي للحكم؛ قسم
إداريا إلى 42 إقليما. وكان على رأس كل إقليم حاكم يديره، لكنه يتبع
الفرعون ويطيعه.
وكان الفرعون أعلى سلطة وله السيادة الكاملة على
الشعب؛ وكانت له السيطرة الكاملة على السلطتين التنفيذية والتشريعية
للحكومة، ويعاونه عدد كبير من الموظفين المدنيين المعينين. وفي اختياره
لأولئك المعاونين، فإن الفرعون كان يراعي قواعد الأقدمية والتعليم.
وكان
كبار موظفي الحكومة، في عصر الدولة القديمة، يتقلدون مناصب عليا مثل:
أعضاء بالبلاط الملكي (الحاشية الملكية)، أو مستشارين أو وزراء؛ أو أعضاء
بالمجلس الأعلى للحكم. وارتقى منصب الحاشية الملكية في القدر مع الزمن؛
ليغطي مهام ووجبات دينية ومدنية وقضائية وعسكرية. وكان منصب المستشار هو
أعلى منصب في الدولة، ولكن المستشار لم يكن عضوا في المجلس الأعلى للحكم.
وقد كان المجلس يتكون من كبار مسئولي الدولة الذين يتولون فرض التشريعات
والمراسيم (الأوامر) الملكية، وقد تولوا فيما بعد مهام قضائية. وكان
الوزير رئيس القضاة.
وتخصص عدد من المسئولين الإداريين في التعامل
مع الضرائب والشئون المالية والأعمال العامة وتوزيع القوى العاملة على
المشاريع المختلفة. وكانت مصر أول قطر يطبق نظاما للعاملين في المشروعات
الحكومية؛ مثل الحرف والصناعة والزراعة والبناء.
وكانت هناك محاكم
في جميع أنحاء مصر. وتبرهن العقود والبرديات التي تضم أحكاما والتماسات؛
على أنه كانت هناك قوانين ثابتة محددة تتعلق بالمعاملات اليومية: مثل
الميراث والزواج والهبات والوصايا وملكية الأراضي، وغير ذلك من التعاملات
التجارية. وكان كل شيء يسجل في الحفظ (الأرشيف)؛ بما في ذلك الوصايا وعقود
الملكية وقوائم الإحصاء العام والأوامر وقوائم الضريبة والخطابات وقوائم
الجرد واللوائح ومحاضر المحاكمات.
وخلال العصر اليوناني –
الروماني، اتخذ الملك البطلمي موقع الفرعون؛ واتبع نظام الحكومة المركزية.
ولأن الكهنة كانوا يهددون سيطرة الغزاة، فإن البطالمة حاولوا إضعافهم؛
بتجريد المعابد من حقوقها وممتلكاتها. ولكنهم سرعان ما غيروا سياستهم
وكسبوا تأييد الكهنة بإبداء الاحترام للمعتقدات المصرية، وبناء المزيد من
المعابد. وأبقى البطالمة على نظام تقسيم البلاد إداريا إلى أقاليم؛ كل
منها تحت رئاسة حاكم. واكتسب الحاكم صفة عسكرية؛ باعتباره قائد حامية
ومديرا ماليا. وفي داخل تلك الأقاليم، كانت هناك مدن مخصصة لعيش الصفوة من
الإغريق؛ مثل نقراطيس والإسكندرية وبطولميا.
وفرض البطالمة قوانين
تحرم الزواج المختلط بين المصريين والإغريق. وخلال ذلك العهد، اعترف
النظام القضائي بأربعة أنظمة قانونية: للمصريين، والإغريق والأجانب،
والمدن الإغريقية، واليهود. وظهر نظام "البوليتيوم" الذي كان بمثابة رابطة
من جميع طبقات الإغريق، ويعمل من خلال مجلس مستقل ذي طبيعة شبه عسكرية.
وكانت له أيضا أنشطة اجتماعية ودينية تتبع الملك. ولم يعمر الانقسام بين
المصريين والإغريق طويلا. وأصبح بعض المصريين مرافقين وإداريين، وازداد
الزواج بين المصريين والإغريق؛ تدريجيا.
وعندما أصبحت مصر مقاطعة
رومانية، لم يعمد الرومان إلى إحداث أي تغيير: ما لم يكن ضروريا. وأصبح
الإمبراطور الروماني فرعون مصر، وصور بالمعابد المصرية مرتديا التاج
المزدوج للفرعون، وملابسه. وأدار الإمبراطور شئون مصر بصورة مباشرة، كما
تولى قيادة الجيش الروماني. وأضيف منصب جديد للإدارة في البلاد؛ وهو منصب
رئيس القضاة.
ومن وجهة النظر القانونية الرومانية، فإن مصر قسمت
إلى قسمين رئيسيين، من رومانيين ومصريين. ومع ذلك، فإن كلمة "مصريين" كانت
تستخدم في الإشارة إلى جميع سكان مصر؛ من مصريين وإغريق ويهود. وفرضت
"ضريبة رأس" على المصريين؛ ولكن ليس على المواطنين الرومانيين أو
السكندريين، الذين كان لهم حق الالتحاق بالجيش والإعفاء من الضرائب. وعاش
المصريون تحت الحكم الروماني حياة سيئة بئيسة؛ بسبب الضرائب الباهظة
والعمل الجبري. وطبقت إصلاحات في القرن الثالث منحت الجنسية الرومانية
للجميع وألغت الامتيازات الممنوحة للأقلية، وأدخل الإمبراطور "ديوكليشيان"
نظام اللامركزية في الإدارة.